responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 20
وَسَمَّى جَهَنَّمَ مِهَادًا لِأَنَّهَا مُسْتَقَرُّ الْكُفَّارِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا بَدَلٌ لَهُمْ مِنَ الْمِهَادِ، كَقَوْلِهِ:" فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «[1]» " ونظيره من الكلام قولهم:
تحية بينهم ضرب وجيع «2»

[سورة البقرة [2]: آية 207]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (207)
ابْتِغاءَ نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ. وَلَمَّا ذَكَرَ صَنِيعَ الْمُنَافِقِينَ ذَكَرَ بَعْدَهُ صَنِيعَ الْمُؤْمِنِينَ. قِيلَ: نَزَلَتْ فِي صُهَيْبٍ [3] فَإِنَّهُ أَقْبَلَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَانْتَثَلَ مَا فِي كِنَانَتِهِ [4]، وَأَخَذَ قَوْسَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ، وَايْمُ اللَّهِ لَا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَ بِمَا فِي كِنَانَتِي، ثُمَّ أَضْرِبُ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ في يدي منه شي، ثُمَّ افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ. فَقَالُوا: لَا نَتْرُكُكَ تَذْهَبُ عَنَّا غَنِيًّا وَقَدْ جِئْتَنَا صُعْلُوكًا، وَلَكِنْ دُلَّنَا عَلَى مَالِكَ بِمَكَّةَ وَنُخَلِّي عَنْكَ، وَعَاهَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ" الْآيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى"، وَتَلَا عَلَيْهِ الْآيَةَ، أَخْرَجَهُ رَزِينٌ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ صُهَيْبًا فَعَذَّبُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَضُرُّكُمْ أَمِنْكُمْ كُنْتُ أَمْ مِنْ غَيْرِكُمْ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مَالِي وَتَذَرُونِي وَدِينِي؟ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَكَانَ شَرَطَ عَلَيْهِمْ رَاحِلَةً وَنَفَقَةً، فَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَرِجَالٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: رَبِحَ بَيْعُكَ أَبَا يَحْيَى. فَقَالَ لَهُ صُهَيْبٌ: وَبَيْعُكَ فَلَا يَخْسَرُ، فَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَتَدْرُونَ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، نَزَلَتْ فِي الْمُسْلِمِ لَقِيَ الْكَافِرَ فَقَالَ لَهُ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فإذا قلتها

[1] آية 21 سورة آل عمران.
[2] هذا عجز بيت لمعديكرب، صدره:
وخيل قد دلفت لها بخيل
[3] هو صهيب بن سنان بن مالك الرومي، سبته الروم [وهو صغير] فجلب إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان. وقيل: بل هرب من الروم فقدم مكة وحالف بن جدعان. وكان صهيب من السابقين الأولين، شهد بدرا والمشاهد كلها. توفى بالمدينة سنة ثمان وثلاثين. (من النجوم الزاهرة).
[4] انتثل ما في كنانته: أي استخرج ما فيها من السهام. والكنانة: جعبة السهام، تتخذ من جلود لا خشب غيها، أو من خشب لا جلود فيها.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 3  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست